بعد أن لوحت بالانفصال وتحدت واشنطن.. هل تكون أزمة تكساس الشرارة الأولى التي تهدد بتفكيك فيدرالية الولايات المتحدة الأمريكية
الجماهير- تحليل سياسي
بموجب المادة 1 من دستور تكساس انتهكت الحكومة الفيدرالية حقنا كحكومة محلية، ويتم تجاهل حقوق تكساس في التعديل لذا تحتفظ الولاية بحقها في الانفصال عن الولايات المتحدة.”
هكذا علق الحزب الجمهوري في ولاية تكساس على حكم المحكمة العليا الذي انحاز إلى جانب الحكومة الفيدرالية في واشنطن وأعطى لها حق إزالة الأسلاك الشائكة التي أقامها حاكم الولاية على حدودها مع المكسيك لمنع الهجرة غير المشروعة وعصابات التهريب، حيث يرى حاكم تكساس أن السلطة الدستورية التي تتمتع بها الولاية تمنحها حق الدفاع عن نفسها ضد غزو المهاجرين، مع استمرار تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الحدود.
أزمة وجرس انذار
يبدو أن تطورات الأزمة بين الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية والحكومة المحلية لولاية تكساس، توشك أن تخرج عن السيطرة والأطر القانونية والدستورية وتتجاوز خط أللا عودة..
ومع أن الأزمة ليست جديدة وتحمل تراكمات سنوات طويلة من الاحتقان والتوتر إلا أنها المرة الأولى للتسدي يتم فيها استدعاء السلاح الثقيل بهذا الزخم الواسع والمترافق مع رفع علم الانفصال..
ويخوض حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت والحكومة الفيدرالية مواجهة بشأن السيطرة على الحدود، فقد قال أبوت “الأسلاك الشائكة في تكساس هي رادع فعال للعبور غير القانوني الذي يشجعه الرئيس جو بايدن، سأواصل الدفاع عن السلطة الدستورية في تكساس لتأمين الحدود، ومنع إدارة بايدن من تدمير ممتلكاتنا”.
وتشهد الولايات المتحدة أزمة غير مسبوقة تتعلق بالمهاجرين غير النظاميين، الذين لا يتوقف وصولهم وعبورهم للحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك بمعدلات قياسية، حيث بلغ إجمالي من دخل الأراضي الأميركية خلال الشهر الماضي فقط 300 ألف شخص، أي بمعدل يقترب من 10 آلاف مهاجر يوميا.
وفي ضوء هذه التطورات تصاعدت المخاوف من اندلاع حرب أهلية وانفصال تكساس عن الولايات المتحدة الأميركية، حيث أثار قرار المحكمة إرسال عناصر من حرس الحدود الفيدراليين لإزالة الأسلاك الشائكة التي أقامتها حكومة ولاية تكساس، مخاوف حدوث فوضى محتملة وعودة شبح الحرب الأهلية ونبش الماضي.
ترامب يساند تكساس
وتعهد حكام جمهوريون من 25 ولاية وتمثل 50% من الولايات الأمريكية الأخرى بتقديم دعمهم لحاكم تكساس والسلطة الدستورية فى الولاية للدفاع عن نفسها، وذلك استجابة لدعوة الرئيس السابق دونالد ترامب الولايات التى يقودها الجمهوريون إلى التعاون معاً لمكافحة مشكلة الهجرة غير النظامية على الحدود الجنوبية، وهى قضية قال الجمهوريون إن بايدن يفشل فى التعامل معها بشكل صحيح كما اتهموا إدارة بايدن بإضفاء الطابع الفيدرالى على الحرس الوطنى فى تكساس.
وتعهد حكام 10 ولايات بإرسال قوات من الحرس الوطني من ولاياتهم لدعم ولاية وتكساس، واعتبروا أن هذه معركة من أجل مستقبل أميركا كلها.
وكان الجمهوريون في الولاية قد رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2020 التي أدت إلى سقوط الرئيس دونالد ترامب وانتخاب الديمقراطي جو بايدن. وبالتالي، فإن الجمهوريين في الولاية أعلنوا أنهم لا يعترفون بشرعية جو بايدن.
تصاعد حدة التوتر
وتصاعدت التوترات في العاشر من الشهر الحالي بين تكساس والسلطات الفيدرالية بشأن الهجرة، حيث منع الحاكم غريغ أبوت مسؤولي الجمارك والحدود والحماية من القيام بدوريات في شيلبي بارك في إيجل باس، وهي نقطة ساخنة للعبور من المكسيك.
واتخذ الانفصاليون في تكساس الطريق التشريعي، لتحقيق مطالبهم فممثل الولاية -آنذاك- بريان سلاتون تقدم في آذار (مارس) 2023 بمشروع قانون يدعو إلى إجراء استفتاء حول “ما إذا كان ينبغي على الولاية التحقيق في إمكانية استقلال تكساس أم لا”.
هذه التحركات أثارت اهتماما متزايدا بما يمكن أن يحدث إذا صوتت تكساس لتصبح جمهورية مستقلة مرة أخرى، ففي مقابلة مع مجلة “نيوزويك” الأميركية جادل دانييل ميلر رئيس الحركة القومية في تكساس “تكسيت” بأن الحركة هي الترياق للنظام الفيدرالي الفاشل.
ميلر أضاف “النظام الفيدرالي معطل وسكان تكساس يدفعون الثمن، من المنطقي أكثر أن تستقل تكساس”، وألقى باللوم على الحكومة الفيدرالية في ارتفاع أسعار الغاز، إلى جانب زيادة الدين الوطني، مضيفا “لو كان من الممكن إصلاحه لكان قد تم إصلاحه”.
ويتصور ميلر إجراء استفتاء ناجح على الاستقلال يؤدي إلى عملية تفاوض بين أوستن وواشنطن، تنتهي بدولتين مستقلتين لكن مرتبطتين ارتباطا وثيقا. قائلا: “بمجرد التصويت بالإيجاب لن يتغير شيء على الفور، سيبدأ سكان تكساس عملية للتحرك نحو الاستقلال تتضمن تغييرات في دستور ولايتنا، والقوانين التي تتبع التغييرات الدستورية، وتقييم وتنفيذ المواثيق والمعاهدات الدولية، والاتفاقيات والتفاوض بشأن القضايا مع الحكومة الاتحادية”.
ويأمل دانييل ميلر، رئيس الحركة القومية في تكساس، في إعادة الولاية إلى دولة مستقلة كما كانت قبل عام 1845، قائلا: “إذا اتبعت الحكومة الفيدرالية سياستها التي استمرت قرابة قرن من الزمن في احترام حق تقرير المصير، فإننا نتوقع أن تكون العلاقة مع بقية الولايات المتحدة ودية وتعاونية”.
نافذة على تكساس
وتقع تكساس جنوب غربي الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر الولايات مساحة بعد ألاسكا، وسكانا بعد كاليفورنيا، وتلقب بولاية “النجمة الوحيدة”، للدلالة على وضعها السابق كجمهورية مستقلة، ويضم علمها وشعارها نجمة واحدة.
يذكر أن تكساس كانت تابعة لدولة المكسيك وأعلنت استقلالها عن المكسيك في عام 1836 المكسيك، وظلت بعد ذلك جمهورية مستقلة اعترفت بها امريكا وبعض الدول الاوروبية كجمهورية لمدة 10 سنوات، وكان لها دستورها وعلمها وحكومتها الخاصة إلى أن ضمتها أمريكا اليها عام 1845 تلبية لرغبة سكانها حينئذ.
ويبلغ عدد سكان الولاية 30 مليون، واقتصادها هو الثامن عالمياً متفوقاً على روسيا حيث تعتبر تكساس مركز رئيسي لصناعة الطاقة، وموطن عدد من الشركات الكبرى، مثل إكسون موبيل، وإيه تي آند تي، وديل
الايام القادمة قد تحمل الكثير من التطورات ما بين حدوث تسوية واتفاقيات او السير قدما نحو انفصال مجدول عن الاتحاد الفيدرالي خصوصا ان اموال الديموقراطيين بدأت تتدفق على الولاية ..