جعل البعث من قضية فلسطين قضيته القومية النضالية الأساسية منذ تأسيسه وذلك عبر اعتماده مع انطلاقة هويته السياسية والفكرية مؤكدا أن العرب امة واحدة وان قضية فلسطين قضيتها المركزية ومحور نضالها الأساسي وقد جسدت أفكاره وتوجهاته بالممارسة العملية سواء بالمشاركة في القتال والكفاح المسلح وتقديم الشهداء على ارض فلسطين أم بالنضالات السياسية والمواقف التي عبر عنها عبر الإعلام والبيانات وقرارات مؤتمراته القطرية والقومية التي أكدت على التزام الحزب بالنضال من اجل تحرير فلسطين معتبرا أن تحرير فلسطين واجب قومي يقع على عاتق الأمة العربية في كل أقطار الوطن العربي، كما أكدت هذه القرارات والبيانات رفض الحزب لكل أشكال الحلول التي تهدف إلى الانتقاص من الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه وتقديم كل أشكال الدعم له في مسار نضاله وكفاحه نحو تحرير الأرض العربية الفلسطينية من الاحتلال الصهيوني، مثلما كشف الحزب، منذ البداية، ابعاد المؤامرة الاستعمارية البريطانية الصهيونية وأوضح مخاطرها على شعب فلسطين والأمة العربية بأسرها.
مثلما أكد البعث، وخاصة بعد وقوع الاحتلال الصهيوني لجزء من ارض فلسطين العربية وقيام الكيان الصهيوني الغاصب فوق الأرض في العام 1948م ما هو إلا من صنع الاستعمار ومشاريعه ومخططاته للهيمنة على الوطن العربي والإبقاء على تجزئته التي أوجدها الاستعماريون عبر ما يسمى باتفاقية سايس- بيكو، وعليه فقد ركز الحزب على أن النضال من اجل الوحدة العربية ضد الاستعمار والصهيونية ومن هذا المنطلق أيضا، اعتبر البعث قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية وهذا ما أكده بيان صادر عن البعث العربي بتاريخ 14/1/1945م. حيث وضع هذا البيان المنطلق الأساسي لفكر البعث تجاه القضية الفلسطينية اتبعه بيان أخر في 8 آذار عام 1946 تحت عنوان لتكن نصرة فلسطين أول امتحان لاستقلالنا ودعى الحزب عبر هذا البيان لإضراب عام لإسماع العالم بعامة والدولة الاستعمارية بريطانيا بخاصة صوت الأمة العربية الرافض لاغتصاب الصهاينة لأرض شعب فلسطين العربي، وتوالت المواقف والبيانات التي عبر فيها الحزب عن رؤيته لمواجهة المؤامرة البريطانية الاستعمارية الصهيونية على فلسطين وشعبها وعبرها على الأمة العربي بأسرها مؤكدا على أن الكفاح الشعبي المسلح هو الطريق الوحيد لهذه المواجهة وقد حافظ الحزب بثبات وعزيمة على هذه الرؤية عبر مسيرته النضالية الطويلة حيث أكد في فكره وسياساته ومواقفه النضالية على الالتزام بالقضية الفلسطينية والتمسك بحق العودة للشعب العربي الفلسطيني إلى وطنه وأرضه التي تم تشريده منها بالقوة وعلى حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة فوق تراب وطنه معتبرا أن تحقيق هذه الأهداف تتحقق عبر النضال والكفاح والمقاومة بكل أشكالها ويأتي في مقدمتها الكفاح المسلح، كما أكد على أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب مواجهة مشاريع ومخططات القوى الامبريالية والاستعمارية الداعمة للصهاينة وقد جسد الحزب هذا النهج والسياسات عبر دعمه للمقاومة الفلسطينية واحتضانها في القطر العربي السوري، مثلما دعمت سورية البعث أيضا المقاومة التي حررت أرضا محتلة في لبنان وهزمت العدو الصهيوني في حرب تموز عام 2006م مثلما قدمت كل أشكال الدعم إلى المقاومة في فلسطين وقطاع غزة بخاصة الذي طالما تعرض للعدوان الصهيوني الاجرامي.
كما أكد الحزب على أن معركة فلسطين والصراع مع العدو الصهيوني والداعمين له يشكل جزءا من معركة الأمة العربية في الحفاظ على أرضها واستقلالها ووجودها وعليه فقد رفض الحزب وسورية البعث الاعتراف بالكيان الصهيوني مثلما رفض كل أشكال التطبيع مع هذا الكيان. كما ربط بين النضال من اجل الوحدة العربية بالنضال من اجل تحرير فلسطين وكل ارض عربية محتلة، ولطالما أكد على أهمية وحدة الشعب العربي الفلسطيني وتوحيد قواه المناضلة المقاومة من اجل الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية والنضال من اجل تحرير الأرض.
هذا، وقد أنشأ الحزب منظمة مقاتلة هي طلائع حرب التحرير الشعبية- قوات الصاعقة، بمعنى أن البعث العربي الاشتراكي قد اعتبر قضية فلسطين جوهر الصراع مع الصهاينة والامبريالية والاستعمار، ورحم الله الرئيس حافظ الأسد، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي أكد موقف الحزب من القضية الفلسطينية عندما قال “سيظل موقفنا من قضية فلسطين موقفا مبدئيا ثابتا صامدا، لا يساوم، ولا يفرط، وسنظل مع شعب فلسطين العربي، نناضل معه ومن اجله في جميع الميادين، سنظل معه في رفضه الاستسلام امام المحتلين، والخنوع امام الغاصبين، والاستكانة امام المنحرفين، نحن فلسطين، وسنظل مع فلسطين بالقول والعمل، بالشعار والموقف، بالتمسك بالحقوق الفلسطينية لا بالمساومة عليها، نرفض كل مشروع لا يعترف للشعب العربي الفلسطيني بحقوقه الوطنية، لا بالركض وراء أوهام الحلول الصهيونية والسير عبر النفق الاستسلامي. وقد اكد الرئيس بشار الأسد هذا الموقف والمسار.
من اجل مواقف البعث واجهت وتواجه سورية اليوم حربا كونية أمريكية – صهيونية غربية استعمارية، تتفهم دوافع هؤلاء الأعداء لفلسطين والأمة العربية ولكن الذي لا يمكن أن نقبل به بل ندينه ونستنكره مواقف ونهج الذين انخرطوا في المؤامرة التي تستهدف سورية البعث، بسبب مواقفها هذه، بإعلامها بأموالها وسلاحها وحتى مقاتلين إرهابيين في هذه الحرب العدوانية التي تلحق الأضرار بالشعب العربي في سورية ومن خلالها تلحق أفدح الأضرار بالأمة العربية.
*أمين عام حزب البعث العربي التقدمي في الأردن
10/8/2023