الذكرى السابعة والخمسين لنكسة حزيران هل أعاد طوفان الأقصى الاعتبار للأمة العربية ومسح عن جبينها غبار الهزيمة؟!
تمر الذكرى السابعة والخمسون لنكسة حزيران يونيو الأليمة هذا العام بشكل وظروف مختلفة عن كل الأعوام السابقة التي اعتدنا عليها ، حيث كان شهر حزيران يونيو من كل عام يشكل نكسة جديدة ومتكررة لدعاة الهزيمة والاستسلام ، تحت تأثير الثقافة الصهيونية الطاغية والداعية إلى ممارسة العويل والتباكي، ليس حزناً واسفاً على الهزيمة والتقصير ولكن لنشر ثقافة الهزيمة والاستسلام وإظهار العرب كأمة لا تصلح إلا للشعر والكلام والغناء والغزل والتباكي على الماضي السحيق.
يقول الكاتب العربي الدكتور معن منيف سليمان: “تمكّنت “إسرائيل”، في الخامس من حزيران 1967، من تحقيق انتصارات عسكرية ساحقة على الجيوش العربية، واحتلال مساحات واسعة من الأراضي العربية، ما خلق مشكلات اقتصادية وبشرية حادة ومعقّدة، وكان السبب في جزء كبير منه استهانة العرب بالاستعداد لمواجهة العدو، وعدم دراسة واقعه وخططه بالجدية المطلوبة. وكشفت النكسة بوضوح خطر التجزئة الذي ما زال العرب يغرقون فيه، ما أبعدهم عن وضع خطط عملية موحدة لخدمة الأهداف القومية العربية المشتركة”.
ويضيف الدكتور سليمان: في مطلع العام 1967، كانت جميع الظروف الدولية والعربية والصهيونية موائمة لقيام حرب شاملة ضد الأقطار العربية المجاورة للكيان الإسرائيلي، وخاصة سورية، التي قاومت “إسرائيل” واعتداءاتها المتكرّرة على الحدود، حيث شرعت هذه الأخيرة بتنفيذ مشروعات تحويل المياه العربية، وفي الوقت نفسه أخذت تنتهز الفرصة المناسبة أيضاً لضرب مصر وقيادتها السياسية التي شغلت دوراً رئيسياً في تجميع الحشد العربي في مؤتمرات القمة ضد الكيان الصهيوني ومشروعاته، وحاولت التغلّب على الخلافات بين قيادتي القطرين السوري والمصري التي توّجت بتوقيع اتفاق دفاع مشترك بين البلدين، وتبادل الزيارات الرسمية بينهما، حيث أخذ الطرفان ينهجان نهجاً أكثر وطنية وتقدمية في معركة البناء الداخلي ضد قوى الرجعية والبرجوازية، وفي إطار علاقاتهما الخارجية أيضاً، بمزيد من توطيد العلاقات مع الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية، والابتعاد عن المعسكر الإمبريالي، وخاصة الولايات المتحدة وألمانيا الغربية. هذا المعسكر الذي أخذ يدعم بصورة واضحة الكيان الصهيوني في كافة المجالات ويشجّعه على توجيه ضربته القوية ضد هذين القطرين وقيادتهما القومية.
ويخلص سليمان إلى أن حرب حزيران كشفت عن حقيقة المصير العربي، وأهمية الوحدة العربية، وأخذت تظهر في الأفق فكرة وحدة الصف العربي والتنسيق بين الدول العربية ودعم العمل الفدائي، وتأكد للجميع أن التوحيد القومي حتمية تاريخية تمليها حقيقة القومية العربية ووحدة المصير العربي وإن كان الطريق صعباً.
من جانبه يقول الكاتب العربي “عبد الهادي الراجح”: لقد عرف العدو قبل غيره أن انتصاره الرخيص في حزيران يونيو 1967م. لم يكن نتاج عبقرية قيادته التي يحركها القادة الأمريكان كأحجار الشطرنج ، ولكن كان بفعل خدعة وغدر خططت له المخابرات الأمريكية مع تابعتها الصهيونية الصغيرة المحتلة في فلسطين منذ فشل العدوان الصهيوني الثلاثي على مصر جمال عبد الناصر، وكان الاسم الكودي لها “اصطياد الديك الرومي”، كما جاء في مذكرات القادة الأمريكان، وهي أشارة واضحة للهدف من العدوان السافر الإجرامي الذي ما كان له أن ينجح بذلك الحجم المهول؛ لولا دعم فئران الداخل من أنظمة الاعتلال العربي.. والاخص رسالة احد أهم ملوكهم للرئيس الأمريكي ليدون جونسون، حيث يطالبه بشكل واضح بأن تقوم إسرائيل بدعم عسكري أمريكي بالعدوان على مصر الناصرية وإسقاط نظام الزعيم جمال عبد الناصر أو إسقاط هيبته وثقله السياسي الذي يهدد كل أصدقاء أمريكا في المنطقة وليس في العالم العربي وحده، كما قال ذلك الملك في رسالته.
ويضيف الراجح: “لان امتنا العربية تبقى ولادة ، وهزيمة حزيران كانت خسارة معركة وليس نهاية حرب كر, وفر، فقد جاء فجر السابع من أكتوبر العظيم عام 2023م الذي كان الزلزال وشكل الحدث الاعظم الذي هزم مأساة النكسة والنكبة معا، واثبت للعالم اجمع أن العدو مجرد آله قتل وإرهاب وإجرام صهيوأمريكي، وان فصيلا عربيا فلسطينيا واحدا صغير الحجم وليس لدية أي إمكانيات ومحاصر من الاخ والصديق قبل العدو، قد استطاع أن يهزم أسطورة العدو الصهيوني الخيالية التي صنعها إعلام صهيوني عالمي بلا أي ضمير مهني، تدعمه رأس الصهيونية أمريكا ومن يدور في فلكها من الغرب الاستعماري وإعلام الخيانة والتآمر في أمتنا العربية.. ويكفي السابع من أكتوبر أنه اسقط كربلاء عرب أمريكا وفلاسفة الهزيمة ، وكتب بأحرف من نور حبرها التضحيات ودماء الشهداء، أن امتنا العربية قادرة بمثل تلك النماذج الفدائية المشرفة أن تهزم عدوها التاريخي ومن وراءه .
ويتابع الكاتب الراجح : باختصار السابع من أكتوبر اسقط الصهاينة الأمريكان في البيت الأسود سياسياً واخلاقياً، وافرز أجمل ما في الشعوب بما فيها الأمريكي والأوروبي المقاومة والانتفاضة والثورة السلمية على الظلم والقهر والاحتلال التي رأيناها تتجلى في كل مدن العالم وجامعاته ، كما اسقط فلاسفة الهزيمة وكتبته البترودولار في وطننا العربي الكبير ومشغليهم من خونة الأمة العربية وأسيادهم الصهاينة .
هناك شبه إجماع بأن ما بعد السابع من أكتوبر 2023م، ليس كما قبله وأن الأمة العربية أمام تحول تاريخي كبير يمكن أن يمثل بداية فترة جديدة من الانتصارات والتحولات الإيجابية التي تعيد للأمة اعتبارها وهويتها الحضارية ويمسح عنها غبار الذل والاستسلام ومشاعر الانكسار الناجمة عن نكسة حزيران1967م.