بيان قمة حكام العرب والمسلمين لم يتجاوز المطالبة بوقف العدوان وتضمن الترويج غير المباشر لمشروع الرياض للتطبيع
لم يتجاوز موقف القادة العرب والمسلمين الذين توافدوا من أرجاء العالم إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في “القمة العربية والإسلامية غير العادية” إدانتهم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان ومطالتهم مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار ملزم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً إليه وحشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة “إسرائيل” في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وليس جديداً تعبير المشاركين في بيانهم الختامي عن دعمهم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في الحرية وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتأكيدهم على أن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين الأبدية، ورفض أي قرارات أو إجراءات إسرائيلية تهدف إلى تهويدها وترسيخ الاحتلال الاستعماري لها، باعتبارها باطلة وغير شرعية وفق القانون الدولي، فهذا الحديث بات أسطوانة مشروخة نسمعها منذ عشرات السنين دون أن يكون لها صدى على أرض الواقع.
الجديد نوعاً ما هو تأكيد الحكام على دعم أمن لبنان واستقراره وسيادته وسلامة مواطنيه، وإدانة الاستهداف المتعمد للجيش اللبناني والمدنيين، وعلى أهمية الإسراع بانتخاب رئيس للبنان، وتأكيد التزامهم بدعم الاقتصاد اللبناني، والحث على تقديم مساعدات عاجلة لمواجهة التداعيات الاقتصادية الصعبة، جراء العدوان الإسرائيلي، وتوفير مقومات العيش الكريم للنازحين، وتكليف اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة التي شكلت في القمة مواصلة جهودها لوقف العدوان على لبنان، دون التأكيد على حق اللبنانيين في مقاومة المحتل ومساندة أشقاءهم في قطاع غزة الذيتن يتعرضون لجرائم الحرب والإبادة.
كما أن مطالبة المشاركين مجلس الأمن الدولي بقرار ملزم لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ليس له معنى إذ أن المجلس سبق وان اتخذ قراراً بداية العام الجاري يطالب إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل نهاية هذا العام، لكنه سيظل حبراً على ورق كغيره من القرارات التي اتخذها المجلس وخلفه الأمم المتحدة منذ أكثر من سبعين عاماً.
الجديد هذه المرة هو دعوة المشاركين إلى حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة “إسرائيل” في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها مطالبين جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة إلى “إسرائيل”، وتوجيه رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بذلك، غير أن ذلك لم يرفق بآلية عملية لترجمته مكتفين بتكليف الأمين العام للجامعة العربية لمتابعة القرار، والجميع يعرف أن منصب الرجل لا يؤهله لتجميد أحد موظفيه فكيف بتجميد عضوية الكيان في الأمم المتحدة.
وبالنسبة إلى تكليف الحكام العرب والمسلمين للجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة بمواصلة جهودها لوقف العدوان الإسرائيلي وحشد الدعم الدولي، ودعوة جميع الدول المحبة للسلام إلى الانضمام إلى التحالف الدولي لدعم حل الدولتين الذي أطلقته المملكة العربية السعودية، ليس أكثر من عملية ترويج لمشروع التطبيع الذي تخشى الرياض عن تنفيذه دفعة واحدة بسبب ضغط الرأي العام ورفض الشارع العربي والإسلامي لذلك.
بالمحصلة كان من الأحرى أن تصدر كل دولة بيان إدانة وليس هناك ضرورة ليتجشم الحكام ويكابدوا مشقة السفر وتكاليف الإقامة فقط لإصدار بيان إدانة مشترك، وهو يعلمون أن قيمة الورق الذي طبع عليها أغلى من قيمته الفعلية.